11 - 05 - 2025

مؤشرات| المواجهة لجحور الإرهاب

مؤشرات| المواجهة لجحور الإرهاب

القراءة المباشرة لملابسات الحادث الإرهابي والذي راح ضحيته 15 عسكريا بينهم ضابط برتبة "ملازم أول"، وفي المقابل تصفية 7 من الإرهابيين المرتكبين للجريمة من بقايا تنظيم داعش، يكشف أنه ما زالت هناك محاولات من هذا التنظيم لإثبات الوجود.

الأخطر في هذه الجريمة جاءت في الوقت الذي كان يشارك فيها الرئيس السيسي في مؤتمر ميونيخ للأمن، كأول مشارك من خارج أوروبا متحدثا في مؤتمر دولي مهم يتناول قضايا الإرهاب والأمن، حيث أكد الرئيس خلال المؤتمر أن مصر تقود حربا ضد الإرهاب، وما زالت تخوض هذه الحرب.

وأعتقد أن الارهابيين اختاروا توقيت عملية استهداف كمين "جودة - 3" بحي الصفا، بالقرب من مطار العريش، في محاولة لإحراج النظام، ولإثبات أنهم ما زالت لديهم القدرة على القيام بعمليات إرهابية ضد الدولة المصرية، بل ربما راهنوا على أن يقطع الرئيس زيارته لألمانيا في أعقاب الحادث، ولكن خاب ظنهم في هذا التوقع، سواء منهم أو من جهات خارجية دعمت هؤلاء "القتلة".

ولا شك أن الحادث موجع نظرا لعدد الشهداء من الجنود، وهو ما يتطلب القراءة الأمنية الدقيقة لملابساته، وأن أفراد التنظيمات الإرهابية، وإن كانت أقل مما كانت عليه من قبل إلا أنها ما زالت تمثل خطرا على الأمن والإستقرار، وأعتقد أن هذا سيستمر لفترة، فأنا ممن يرون أن المعركة مع الإرهاب ممتدة، لحين إجراء عمليات أوسع نطاقا، لكل نقطة متوقع أن يكون فيها عناصر من الإرهابيين.

أتوقع أن يكون الرد من القوات المسلحة على حادث "كمين "جودة - 3" بحي الصفا، - مطار العريش" سريعا، وأن تكون هناك رؤية جديدة ربما تكون نتائجها قد تمت قبل قراءة هذه الكلمات، وهو ما يؤكده الإجتماع الطارئ الذي عقده الرئيس السيسي مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة فور عودته الأحد من ميونيخ.

وملاحقة الإرهابيين تتطلب  الإستمرار بزخم مختلف لملاحقة العناصر الإرهابية والقضاء عليهم واستكمال أعمال التمشيط ليس بمنطقة الحادث فقط بل في كل نقاط التمركز المتوقعة، مع الدخول في عمليات أكثر استهدافا لهذه العناصر، فالإكتفاء بـ"العملية الشاملة سيناء2018"، الناجحة التي دارت طيلة العام الماضي ليس هو المطلوب، بل يجب أن تمتد، وبصور أكثر دقة لنقاط التمركز للجماعات الإرهابية، وتوسيع نطاق التعاون مع أهل سيناء الذين كان لهم دور محوري في نجاح العديد من توجيه الضربات ضد الجماعات المتطرفة والإرهابية خلال السنوات الماضية.

التقليل من قدرات القوات الأمنية والعسكرية في مواجهة الإرهاب وعناصره غير وارد على الإطلاق، بل أن المواجهة التي جرت في الحادث الأخير، تؤكد قدرة القوات المسلحة على المواجهة لعدو غير واضح يعيش وسط تضاريس سيناء الصعبة، بل ووفق رؤى المختصين العسكريين، تبين من تحليل حادث السبت الماضي افتقاد الجماعات الإرهابية - التي لا تزال موجودة -، العناصر أو الخبرات الكافية لتنفيذ عملية إرهابية، وهي جاء في جزء منها أنها محاولة للرد على العديد من الضربات الاستباقية التي نفذتها القوات المسلحة وأجهزة الأمن ضد العناصر الإرهابية، بخلاف نجاحها في عدم وصول العناصر والمعدات إلى الإرهابيين بشمال سيناء، وهو ما أدى إلى شبة عدم وجود للحوادث على مدى فترة طويلة.

حتما هناك معلومات ما زالت غير منشورة عن العمليات التي تقوم بها القوات المسلحة، وهو ما تؤكده حجم العمليات التي نجحت في تقليص أنشطة الإرهابيين، في سيناء، ومحاصرتهم في بؤر محدودة بتضييق الخناق عليهم، فيما افتقدت كافة الجماعات الإرهابية العناصر المدربة كما كان في السابق.

وبالرغم من هذا كله، فإن حادث كمين "جودة - 3 - حي الصفا – العريش"، ما زال يتطلب الوقوف على رؤية مواجهة جديدة، تصل إلى قلب البؤر التي تتواجد فيها العناصر الإرهابية في مختلف "جحور" سيناء، لأن الفئران لن تظل طويلا تعيش في الظلام.
---------------------
بقلم: محمود الحضري


مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | ثقوب مميتة من حادث غاز الواحات والبنزين المغشوش